عملة مستقرة إماراتية برؤية جديدة: ADI تقود التحول

في قلب أبوظبي، تعمل مؤسسة غير ربحية بهدوء على بناء البنية التحتية لمستقبل مالي عالمي، يكون شاملًا وآمنًا، حيث تلتقي الثقة الرقمية مع الامتثال والابتكار.
بدعم مالي قدره 120 مليون دولار أميركي، ورؤية متجذّرة في العدالة المالية، تبرز مؤسسة ADI كقوة دافعة لطموحات دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال التكنولوجيا المالية.
وتتمحور جهودها حول عملة AEDC المستقرة، وهي عملة رقمية مرتبطة بالدرهم الإماراتي، صُممت لتوفير مدفوعات فورية وآمنة ومنظمة عبر الحدود. ولكن، وعلى عكس مشاريع العملات الرقمية المضاربة، تهدف AEDC إلى تقديم فائدة عملية حقيقية، من خلال التوافق مع أطر امتثال صارمة، والقدرة على العمل بسلاسة بين الأنظمة والحدود والتقنيات المختلفة.
وفي هذا السياق، قال غيوم دي لا تور، الرئيس التنفيذي لمؤسسة ADI، في مقابلة حديثة مع Tahawultech: “تواصل الإمارات العربية المتحدة بروزها كمركز مثالي لمستقبل يكون فيه التمويل فوريًا وشاملًا ومترابطًا”.

ربط التمويل التقليدي بشبكة الويب 3

في هذا الإطار، تعمل عملة AEDC على شبكة بلوكتشين معيارية متوافقة مع الإيثيريوم، مدعومة بطبقة امتثال مخصصة (الطبقة الثالثة) تتضمن معايير اعرف عميلك (KYC)، ومكافحة غسل الأموال (AML)، وتوصيات مجموعة العمل المالي (FATF).
ولا يُعد هذا إنجازًا تقنيًا فحسب، بل أيضًا دبلوماسيًا، إذ تُكيف مؤسسة ADI آليات الامتثال لتتماشى مع اللوائح المحلية في أكثر من 20 دولة، مما يُرسّخ مكانة منصتها كبوابة رقمية موثوقة في الأسواق الناشئة والمتقدمة على حد سواء.

ويتكامل هذا التوجه مع استراتيجية دولة الإمارات الأوسع في قطاع التكنولوجيا المالية، ويتماشى بدقة مع رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030، والتوجيهات التنظيمية الصادرة عن سوق أبوظبي العالمي (ADGM). ومع تحوّل الأصول الرمزية إلى ركيزة أساسية في التمويل الحديث، تُشكّل بنية ADI التحتية أساسًا يُمهّد لاعتماد العملات الرقمية السيادية وتعزيز التشغيل البيني عبر الحدود.

الشمول المالي على نطاق واسع

وبفضل شراكاتها العالمية التي تغطي نحو 500 مليون شخص، تُبرهن مؤسسة ADI على أن تقنية البلوكتشين ليست مجرد مصطلح رائج، بل أداة عملية للتمكين الاجتماعي والاقتصادي.
فعلى سبيل المثال، في شرق أفريقيا، تمكّن المؤسسة مستخدمي M-PESA، الذين يتجاوز عددهم 70 مليونًا، من تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول إلى عملات مستقرة، مما يفتح آفاقًا جديدة للادخار، والاستثمار، والتجارة عبر الحدود.
وفي مجال الاستدامة، تتعاون المؤسسة مع Esyasoft لتمثيل أرصدة الكربون رقمياً، فيما يساهم تعاونها مع Apeiro في دعم السجلات الصحية الرقمية لأكثر من 55 مليون فرد.
ولا تُمثل هذه الحالات مجرد تطبيقات تقنية، بل تجسّد تحوّلات ملموسة يقودها المجتمع، مدعومة ببنية ADI التحتية للبلوك تشين، وأدوات الحوكمة القائمة على الذكاء الاصطناعي، والتي صُممت لتعمل بكفاءة حتى في البيئات منخفضة الموارد.

معالجة العقبات التنظيمية والفنية

لكن رغم هذه النجاحات، لا تزال هناك تحديات قائمة، أبرزها التعامل مع اللوائح التنظيمية العالمية المعقدة. فكثيرًا ما يتأخر الوضوح التنظيمي عن التطور التكنولوجي، وتختلف درجة انفتاح الدول على الحلول المالية القائمة على تقنية البلوكتشين.
وللتغلب على هذا التحدي، دمجت مؤسسة ADI قابلية التكيّف التنظيمي مباشرة في هيكل نظامها. إذ تتميز سلسلة الكتل التابعة لها بطبقة امتثال (Layer 3) تتيح ضوابط محلية دون الإخلال بقابلية التوسع على نطاق عالمي.

ومن جهة أخرى، تُشكّل قابلية التشغيل البيني تحديًا تقنيًا أساسيًا، لضمان تكامل العملات الرقمية مع الأنظمة المصرفية التقليدية، والتوافق مع مستويات مختلفة من البنية التحتية. ومن خلال بناء توافق محلي عبر الشبكات، وعقد شراكات إقليمية، تضمن ADI أن تكون حلولها مرنة ومتاحة حتى في المناطق ذات البنية المحدودة.

أضف إلى ذلك، أن الثقة لا تزال عائقًا رئيسيًا، خصوصًا بعد سنوات من تقلبات سوق العملات الرقمية. ولهذا السبب، تعالج ADI هذه المخاوف من خلال تقديم بنية شفافة، ومراقبة المعاملات لحظيًا، وتوفير حلول هوية لامركزية. كما أن ربط عملة AEDC بالدرهم، وتنفيذ مشاريع تجريبية في قطاعات حيوية، يعززان من مصداقية المؤسسة.

إعادة تعريف التمويل العالمي من الإمارات العربية المتحدة

في وقتٍ يبدو فيه التحول الرقمي عالميًا إما استخلاصيًا أو مضاربيًا، تسلك مؤسسة ADI طريقًا مختلفًا تمامًا. فهي تضع ثقتها في التنظيم، وتُركز على الأثر الإنساني، وتستثمر في التطور التقني الممنهج.

ويُكمّل عمل المؤسسة جهود دولة الإمارات لتكون رائدة عالميًا في مجال الأصول الرقمية وابتكارات التكنولوجيا المالية. ومع ازدياد الاهتمام بترميز العملات الوطنية، والعقارات، والأصول المتنوعة، لا تسير مؤسسة ADI مع التيار فحسب، بل تضع الأسس التي سيُبنى عليها مستقبل هذا القطاع.
واختتم دي لا تور حديثه قائلًا: “إمكانات التغيير العالمي هائلة… وما زلنا في البداية.”