“سوسيتيه جنرال” تطلق عملتها المستقرة بالدولار على إيثيريوم وسولانا

مع تزايد شعبية العملات المستقرة عالميًا، تتخذ الجهات الفاعلة في القطاعين العام والخاص خطواتٍ هامة لتشكيل مستقبل التمويل الرقمي. ففي ظل هذا التحول، تبرز كل من فرنسا وكوريا الجنوبية كبؤرتين ناشطتين للابتكار، إحداهما من خلال الطرح المؤسسي، والأخرى من خلال الإصلاحات التشريعية.

سوسيتيه جنرال تطلق عملة مستقرة بالدولار الأميركي

في هذا السياق، كشفت “سوسيتيه جنرال فورج”، الذراع المختصة بالأصول الرقمية للمصرف الفرنسي العملاق “سوسيتيه جنرال”، عن عملة مستقرة جديدة مدعومة بالدولار الأميركي تحت اسم USD CoinVertible (USDCV). وستُطرح هذه العملة على شبكتي بلوكتشين: إيثيريوم وسولانا، ما يوسّع من نطاق خدمات الشركة بعد إصدارها السابق لعملة EURCV المقوّمة باليورو في أبريل 2023.
وفي تطور لافت، سيتولى بنك نيويورك ميلون دور الوصي على احتياطيات العملات الورقية التي تدعم هذه العملة. وأكدت “سوسيتيه جنرال فورج” أن USDCV ستُسهم في تسهيل التحويلات على مدار الساعة، بين العملات الورقية والدولار أو اليورو الرقمي، ما يوفر تسوية شبه فورية للمعاملات المالية.

وفي هذا الإطار، صرّح جان مارك ستينجر، الرئيس التنفيذي لـ”سوسيتيه جنرال فورج”، قائلًا: “كان إطلاق عملة الدولار الأميركي المستقرة هو الخطوة المنطقية التالية بعد إصدار التوكن المتوافق مع لائحة MiCA الأوروبية”.
تستهدف USDCV في المرحلة الأولى المؤسسات والشركات، مع طموحات مستقبلية للوصول إلى المستخدمين الأفراد. وتشمل حالات استخدامها المتوقعة مجالات متعددة، من بينها تداول العملات الرقمية، التسوية عبر سلاسل التوريد، صرف العملات الأجنبية، وإدارة النقد. ومن المزمع بدء التداول في يوليو، حيث سيتم توزيع الممثل الرقمي من خلال وسطاء وبورصات ومنصات دفع رقمية.

كوريا الجنوبية تُسرّع تشريعات العملات المستقرة تحت قيادة جديدة

في المقابل، وعلى الصعيد التنظيمي، تشهد كوريا الجنوبية خطوات متقدمة نحو تطوير إطار قانوني متكامل لدعم العملات المستقرة محليًا. ففي عهد الرئيس المنتخب حديثًا، لي جاي ميونغ، تدفع الحكومة باتجاه إقرار “القانون الأساسي للأصول الرقمية”، والذي يهدف إلى تنظيم عمليات إصدار العملات المستقرة ومراقبتها بشكل صارم.
وبموجب هذا القانون المقترح، يُسمح للشركات المحلية بإصدار عملات مستقرة بشرط استيفاء معايير مالية محددة، من بينها امتلاك رأس مال لا يقل عن 500 مليون وون (نحو 368 ألف دولار أمريكي)، والحصول على موافقة هيئة الخدمات المالية. كما يُلزم القانون المُصدرين بالاحتفاظ باحتياطيات كافية لضمان حقوق المستخدمين في استرداد أموالهم.

ويأتي هذا التوجه في ظل تزايد الطلب على تداول العملات المستقرة داخل البلاد. حيث أظهرت بيانات صادرة عن بنك كوريا أن حجم معاملات العملات المستقرة تجاوز 42 مليار دولار أميركي في الربع الأول من عام 2025 فقط، وذلك عبر خمس بورصات محلية رئيسية.
ويُذكر أن الرئيس “لي”، الذي تولّى منصبه عقب فوزه في انتخابات مبكرة في يونيو، قد وضع الأصول الرقمية في صلب أجندته الاقتصادية. فبالإضافة إلى دعمه للعملات المستقرة المدعومة بالوون، اقترح السماح لصندوق التقاعد الوطني بالاستثمار في العملات الرقمية، فضلًا عن دعمه لإطلاق صناديق بيتكوين المتداولة في البورصة.

مع ذلك، ورغم الحماس الرسمي، تواجه هذه المبادرات معارضة واضحة من بنك كوريا. فقد حذّر المحافظ ري تشانغ يونغ من أن العملات المستقرة التي تُصدرها جهات خاصة قد تُضعف قدرة البنك المركزي على تنفيذ سياساته النقدية، مشددًا على ضرورة أن يحتفظ البنك بدور السلطة التنظيمية الأساسية لهذا النوع من الأصول.

التداعيات العالمية على اقتصاد الأصول الرقمية

تُسلّط هذه التطورات المتزامنة، سواء من قبل مصرف أوروبي كبير أو من حكومة آسيوية رائدة، الضوء على الزخم المتسارع في قطاع العملات المستقرة. فسواء من خلال أدوات مالية مؤسسية تُستخدم للتسوية عبر الحدود، أو من خلال أطر تنظيمية وطنية تُسهّل اعتماد العملات الرقمية من قِبل المستخدمين الأفراد، يتضح أن السباق العالمي لتحديد مستقبل النقود الرقمية قد بدأ بالفعل.
ومع دخول لائحة MiCA الأوروبية حيز التنفيذ، وتكيّف المراكز المالية الآسيوية بسرعة، لم يعد تطور العملات المستقرة محصورًا في المضاربات، بل بات يُمثّل توجهًا استراتيجيًا ترسم ملامحه كبرى الجهات الفاعلة في الاقتصاد الرقمي العالمي.