رغم فشل “تسلا” في تحقيق أرباح تفوق التوقعات في الربع الثاني، فإن خيبة أمل أخرى مرّت دون أن يلحظها الكثير من المستثمرين.
فبحسب بيانات الشركة، تُقدّر قيمة الأصول الرقمية التي تمتلكها تسلا حاليًا بنحو 1.24 مليار دولار، وهو ما يُمثّل ارتفاعًا ملحوظًا مقارنة بـ722 مليون دولار فقط في العام الماضي. ورغم هذا التحسن الظاهري، إلّا أن أي متابع لسوق العملات الرقمية يُدرك أن هذا الرقم يُخفي وراءه فرصة ضائعة تُقدّر بمليارات الدولارات من المكاسب التي كان بإمكان تسلا تحقيقها.
ففي الوقت الذي يتداول فيه البيتكوين بالقرب من أعلى مستوياته التاريخية، بعد أن ارتفع بنسبة 80% خلال العام الماضي، كانت تسلا قد باعت 75% من حيازاتها من العملة الرقمية في منتصف عام 2022، حين كان سعرها لا يزال يُتداول عند مستويات منخفضة جدًا مقارنةً بالسعر الحالي.
وعلى الرغم من أن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي للشركة، كان قد أوضح مرارًا أن مستقبل تسلا يتمحور حول سيارات الأجرة الآلية والروبوتات البشرية، لا حول استثمارات العملات الرقمية، إلا أن الشركة اليوم تواجه صعوبات تشغيلية واضحة، وقد كان بإمكانها الاستفادة من الدعم النقدي الإضافي لو أنها احتفظت بحيازاتها من البيتكوين.
في هذا السياق، أعلنت تسلا عن تراجع في إيرادات السيارات للربع الثاني على التوالي، وهو ما جاء أقل من توقعات وول ستريت، الأمر الذي أدى إلى هبوط سهم الشركة بنسبة 8% يوم الخميس، مُسجلًا انخفاضًا يُقارب 25% منذ بداية العام، وهو التراجع الأكبر بين شركات التكنولوجيا الكبرى.
هذا وتعد رهانات ماسك على سيارات الأجرة الآلية (Robotaxis) وروبوتات “أوبتيموس” مشاريع ضخمة ومرتفعة الكلفة، خصوصًا في ظل أسواق شديدة المنافسة وديناميكيات سريعة التغير. كما أن الشركة أقرت مؤخرًا بأن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب، إلى جانب انتهاء الإعفاءات الضريبية الفيدرالية على السيارات الكهربائية، قد يُلحقان ضررًا كبيرًا بأعمال تسلا الرئيسية في الفصول القادمة.
وفي المقابل، فإن أصول تسلا الرقمية تُساهم جزئيًا في دعم ربحيتها، إذ بلغت مكاسب البيتكوين خلال الربع الثاني 284 مليون دولار، في حين بلغ صافي الدخل الإجمالي 1.17 مليار دولار. مع ذلك، كانت هذه المكاسب قابلة للتضخم بشكل كبير، لو أن الشركة تصرفت بشكل مختلف.
ففي أوائل عام 2021، استثمرت تسلا نحو 1.5 مليار دولار في بيتكوين، مُعلنةً أن هذه الخطوة جاءت استنادًا إلى “الإمكانات طويلة الأجل” للعملة الرقمية، وسعيًا إلى تنويع الاستثمارات وتعظيم العائد النقدي. آنذاك، لعب ماسك دورًا بارزًا في الترويج للعملة، إذ أضاف وسم #بيتكوين إلى سيرته الذاتية على تويتر (X حاليًا)، ما دفع سعر العملة إلى الارتفاع بنسبة 20% في يوم واحد.
لكن بحلول منتصف 2022، تغيّر المشهد كليًا. فقد انتهى عصر التيسير النقدي بعد جائحة كوفيد، وحل محله ارتفاع التضخم وزيادة أسعار الفائدة، ما دفع المستثمرين إلى الابتعاد عن الأصول عالية المخاطر.
وأمام هذا الواقع، أعلنت تسلا في الربع الثاني من 2022 أنها باعت ثلاثة أرباع احتياطياتها من البيتكوين، وذلك من أجل تعزيز السيولة النقدية في ميزانيتها العمومية، في وقت كانت أسواق الأسهم والعملات الرقمية تشهد تراجعات متزامنة. ونتيجة لذلك، فقدت تسلا حوالي ثلثي قيمتها السوقية في عام 2022، فيما تراجعت قيمة البيتكوين بنسبة 60% خلال الفترة نفسها.
ومع ذلك، شهدت العملة الرقمية تعافيًا ملحوظًا منذ ذلك الحين، مدعومةً هذا العام بخطط إدارة ترامب لتخفيف القيود التنظيمية، وتعهّدها بإنشاء احتياطي استراتيجي من البيتكوين.
اليوم، يُتداول البيتكوين عند مستويات تتجاوز 119,000 دولار، أي ما يُعادل تقريبًا ستة أضعاف سعره في نهاية الربع الثاني من عام 2022، وهي الفترة التي تزامنت مع قرارات تسلا ببيع جزء كبير من أصولها الرقمية.
ولو كانت تسلا قد احتفظت بجميع احتياطياتها من البيتكوين، لبلغت قيمة هذه الأصول نحو 5 مليارات دولار استنادًا إلى تقديرات حجم مشترياتها عام 2021، بدلًا من 1.24 مليار دولار فقط. أما مبلغ 936 مليون دولار الذي حوّلته الشركة إلى نقد عند البيع، فكان من الممكن أن تتجاوز قيمته اليوم 3.5 مليار دولار.