وافقت فرنسا رسميًا على بورصة لايتنينج (Lise)، أول بورصة أسهم مُمثلة رقمياً بالكامل في البلاد، مما يُعدّ خطوة نوعية نحو تحويل طريقة عمل الأسواق العامة والاكتتابات الأولية في العصر الرقمي.
حصلت Lise على ترخيص DLT TSS من هيئة الرقابة الاحترازية والقرار (ACPR) بموجب النظام التجريبي لـ DLT التابع للاتحاد الأوروبي، وهو إطار تنظيمي يسمح للبنى التحتية المالية القائمة على تقنية بلوكتشين بالعمل ضمن الأطر القانونية التقليدية، مع الحفاظ على الشفافية وحماية المستثمرين.
هذا الإنجاز تحقق بالتنسيق مع بنك فرنسا، وهيئة الأوراق المالية والأسواق الأوروبية (ESMA)، وهيئة النقد الفرنسية (AMF) والبنك المركزي الأوروبي، ليصبح Lise أول بنية تحتية سوقية فرنسية تجمع بين أدوار مرفق التداول متعدد الأطراف (MTF) ومستودع الأوراق المالية المركزي (CSD) في سجل موزع واحد.
يوفر هذا التكامل إجراء عمليات التداول وما بعد التداول بشكل فوري، مما يُلغي تأخيرات التسوية التقليدية، ويُقلل مخاطر الطرف المقابل، ويتيح التداول على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وهو أمر غير مسبوق في أسواق رأس المال الأوروبية.
إلى ذلك، تسعى Lise إلى فتح الأسواق العامة أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي لطالما واجهت صعوبات في طرح أسهمها للاكتتاب العام. وصرح مارك كيبينيغيان، الرئيس التنفيذي لشركة Lise، قائلًا: “يمثل هذا إنجازًا حقيقيًا لأسواق رأس المال”.
كما تُعد Lise، بدعم من مؤسسات كبرى مثل بي إن بي باريبا، وبي بي فرانس، وكاسيس، شركة تابعة لشركة كريبتاون الفرنسية للتكنولوجيا المالية، والتي وصفت نفسها سابقًا بأنها “بورصة جديدة” للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة.
يرى المحللون أن موافقة Lise قد تجعل فرنسا رائدة أوروبية في مجال الأوراق المالية الرمزية، مما يمهد الطريق لمستقبل تتم فيه عمليات الاكتتاب العام الأولي، وتداول الأسهم، ومشاركة المستثمرين بالكامل عبر سلسلة الكتل.
إلى جانب ذلك، تخطط البورصة لاستضافة أولى الاكتتابات العامة الأولية في أوائل عام 2026، لتقديم نموذج جديد يدمج التمويل التقليدي مع كفاءة تقنية بلوكتشين في الاكتتابات العامة الرقمية.
يأتي هذا الإطلاق ضمن موجة أوسع من عمليات التمثيل الرقمي في القطاع المالي العالمي. وفقًا لبيانات RWA.xyz، تجاوزت قيمة تحويل الأصول إلى توكنات في العالم الحقيقي (RWA) 33.9 مليار دولار، بزيادة تزيد عن 10% خلال الشهر الماضي.
هذا ويتصدر قطاع الائتمان الخاص هذا التحول بقيمة 17.5 مليار دولار، يليه ديون الخزانة الأميركية بـ 8.3 مليار دولار، ثم السلع الأساسية بـ 2.8 مليار دولار، مدعومًا بالنمو القوي في أسواق الذهب المُمثل رقمياً.
وتهيمن شبكة إيثبريوم على سوق تحويل الأصول إلى توكنات، حيث تستضيف 12.1 مليار دولار من الأصول المُرمَّزة، أي ما يقارب 57.5% من السوق، مقارنة بـ 686 مليون دولار على منصة سولانا، التي تنمو بسرعة ولكنها لا تزال متأخرة كثيرًا.
يعكس تزايد اعتماد الأصول المُمثلة رقمياً اهتمام المؤسسات المالية التقليدية، التي تسعى لتحديث بنيتها التحتية ومواكبة التحول الرقمي في الأسواق.
يهدف نموذج Lise إلى دمج التداول والتسوية ضمن نظام بلوكتشين موحد، بحيث تتم المعاملات فورًا، متجاوزةً عمليات المقاصة والتسوية التقليدية التي تستغرق عدة أيام.
بالنسبة للجهات المصدرة، وخصوصًا الشركات الصغيرة والمتوسطة، يقلّل هذا النظام بشكل كبير تكاليف الاكتتاب العام الأولي، ويُبسّط إدارة المساهمين، وتوزيع الأرباح، والحوكمة. كما يتيح للمستثمرين الأفراد والمؤسسات الاستثمار مباشرة في الشركات الأوروبية، سواء خلال الاكتتابات الأولية أو في السوق الثانوية.
من خلال الجمع بين الرقابة المُنظَّمة وكفاءة تقنية بلوكتشين، تسعى Lise لجعل الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي أكثر شفافية وسيولة واستمرارية.
لطالما اعتمدت الاكتتابات العامة الأولية على وسطاء مثل شركات الاكتتاب والبنوك الاستثمارية لإدارة تقييم المخاطر والتسعير والتوزيع، وكانت هذه العمليات غالبًا مكلفة وتستغرق وقتًا طويلاً. يسعى نموذج Lise إلى إعادة صياغة آلية الاكتتابات العامة الأولية، عبر إزالة العديد من هذه العوائق واستبدال الأنظمة القديمة بتقنية بلوكتشين التي تدعم الإصدار الفوري، والتسوية، والحفظ.
يتماشى أساس DLT للمنصة مع النظام التجريبي للاتحاد الأوروبي الذي دخل حيز التنفيذ في مارس 2023، ويوفر إطارًا قانونيًا لتداول وتسوية الأدوات المالية باستخدام تقنية بلوكتشين بموجب قواعد MiFID II.
