تم تداول بيتكوين عند نحو 86,000 دولار أميركي مع افتتاح التداولات الآسيوية يوم الثلاثاء، إذ أدّى الانخفاض الحاد في العملات الرقمية وعمليات بيع السندات العالمية إلى إبقاء المتعاملين في حالة حذر، مما حدّ من مكاسب الأسهم الإقليمية.
وتُعدّ أكبر عملة رقمية في العالم مؤشرًا رئيسيًا على شهية المخاطرة. وقد تراجعت المعنويات بشكل ملحوظ بعد هبوطها بأكثر من 5% يوم الاثنين، لتنزلق لفترة وجيزة إلى ما دون 85,000 دولار أميركي، قبل أن تعود للتداول بالقرب من 86,400 دولار في آسيا، أي أقل بنحو 30% من ذروتها المسجّلة في أكتوبر.
وفي هذا السياق، شهدت بيتكوين أكبر قدر من الخسائر خلال الـ 24 ساعة الماضية، حيث تمت تصفية ما يقارب 251.69 مليون دولار أميركي. وتلتها إيثريوم بتصفية حوالي 111.31 مليون دولار، بينما تعرّضت عملات رئيسية أخرى مثل SOL وZEC لتصفية مبالغ أصغر بلغت 19.22 مليون دولار و14.99 مليون دولار على التوالي، وفقًا لـ CoinGlass.
وفي محاولة لامتصاص هذه التقلّبات، حاولت أسواق الأسهم في المنطقة الاستقرار، رغم استمرار الحذر لدى المستثمرين. فقد ارتفع مؤشر MSCI لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنحو 0.6%، كما صعد مؤشر نيكاي 225 في طوكيو بنسبة 0.5% بعد تراجعه الحاد في الجلسة السابقة.
ويعود هذا التوتر إلى موجة بيع مكثّفة استمرت أسبوعًا في سندات الحكومة اليابانية، والتي تسارعت بعد أن مهد محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، الطريق لاحتمال رفع أسعار الفائدة خلال هذا الشهر. ومع تصاعد هذه التوقعات، يترقّب المتداولون بشدة تخلي بنك اليابان عن سياسته النقدية شديدة التيسير، وهو تحول قد ينعكس بقوة على أسواق التمويل العالمية.
وفي ضوء هذه التطورات، ارتفعت عوائد السندات اليابانية لأجل عشر سنوات بمقدار 1.5 نقطة أساس في تعاملات الصباح، لتصل إلى نحو 1.88%، وهو أعلى مستوى لها منذ 17 عامًا، وذلك قبل مزاد مهم للسندات. وكانت العوائد قد قفزت يوم الاثنين بـ 6 نقاط أساس، وهو ما انعكس أيضًا على الأسواق الخارجية ودفع عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات إلى نحو 4.08%.
وعلى صعيد أسواق الائتمان، تابع المستثمرون عن كثب تطورات شركة التطوير العقاري الصينية تشاينا فانكي، التي فاجأت الأسواق بطلب تأجيل سداد سندات محلية. وقد طلبت الشركة من حاملي السندات الانتظار لمدة عام لتعويض خسائرها، في خطوة تُبرز استمرار الضغوط على السيولة في القطاع العقاري الصيني.
وفي الولايات المتحدة، لم تشهد العقود الآجلة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 أي تغيّر يُذكر بعد هبوط المؤشر نفسه بنسبة 0.5% يوم الاثنين، إلى جانب تراجع مؤشر ناسداك 100 بنسبة 0.4%.
أما البيانات الاقتصادية، فقد أظهرت قراءة معهد إدارة التوريد (ISM) انكماش قطاع التصنيع الأميركي للشهر التاسع على التوالي في نوفمبر، حيث تراجع المؤشر من 48.7 إلى 48.2، في حين سجلت مكوّنات الطلبيات الجديدة والتوظيف والمتأخرات انخفاضات إضافية.
وقد عززت هذه البيانات توقعات الأسواق بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يقترب من تغيير محتمل في سياسته النقدية. وتشير العقود الآجلة لأسعار الفائدة إلى احتمال يقارب 86% لقيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماعه بتاريخ 9 و10 ديسمبر، خاصة في ظل تباطؤ النشاط الاقتصادي وتراجع ضغوط التضخم تدريجيًا.
ومع ذلك، سيحصل مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على قراءة إضافية لمقياسهم المفضل للتضخم قبل اتخاذ القرار. ومن المتوقع أن يُظهر تقرير يوم الجمعة استمرار ضغوط الأسعار ولكن ضمن نطاق يمكن السيطرة عليه. ويرى العديد من المحللين أن سوق العمل سيظل العامل الأبرز في تحديد وتيرة التخفيضات خلال العام المقبل.
وعلى جانب آخر، تأثرت الأسهم المرتبطة بالعملات الرقمية بوضوح نتيجة تراجع البيتكوين وزيادة العزوف عن المخاطرة. فقد انخفضت أسهم مايكروستراتيجي، أكبر شركة مالكة لبيتكوين، بشكل حاد، بينما تراجعت أسهم كوين بيس وروبين هود بنحو خانة الآحاد المتوسطة. كما هبطت أسهم شركات تعدين البيتكوين مثل ماراثون ديجيتال وريوت بلاتفورمز بنسبة تتراوح بين 7% و9% تقريبًا، مع تراجع هوامش الربح جراء انخفاض الأسعار.
وزادت البيانات على شبكات البلوكتشين (On-Chain) من المخاوف لدى المتداولين. فقد أوضح محللو Bitfinex أن الخسائر الأخيرة في بيتكوين أدت إلى موجة من الخسائر المُحققة تفوق تلك التي سُجلت عند القاعين الرئيسيين السابقين خلال الدورة الحالية في أغسطس 2024 وأبريل 2025، مؤكدين أن السوق يمرّ بضغط واضح ويبحث عن السيولة، بينما يستسلم المستثمرون الأضعف.
وأشار المحللون إلى أن مثل هذه الخسائر الكبيرة غالبًا ما تحدث في المراحل النهائية من التصحيحات، عندما يستنفد ضغط البيع نفسه وتبدأ الأسواق في البحث عن مستوى استقرار جديد.

